السبت، 5 ديسمبر 2009

ما بعد قويزة ٦

اليوم 2009-12-04
الساعة 8 صباحاُ
رسالة جوال تخبرني بضرورة الإتصال من قبل صديقي المغترب في إحدى ضواحي لندن ...
" الو ... كيفك؟ ... خير؟"...
"أنا في جدة"...
" ايش! .. ايش اللي جابك؟"...
"جابني السيل ... ابغى اشوف جدة بنفسي... واوزع معونات... قبل خمسة ساعات واصل ... وبعد بكرة الصبح ماشي.. بالله مرني"
"خلاص طيب"
...
كالعادة تتأخر الشاحنات للوصول إلى أرض المعارض...
على الضحى تبدأ في القدوم...
....
..
نذهب إلى إحدى شقق للنازحين من المناطق المنكوبة...
نوزع فيها مؤونة غذائية وملابس ولحف...
لم تتمالك أحد المتضررات نفسها فتقوم بحضن خلود وتخبرها بإنها أصبحت وحيدة في هذا العالم...
والديها توفوا ...
زوجها توفي...
مستقبلها مجهول...
يملأها الخوف ...
مرعوبة..
...
..
إحدى الأطفال في حالة صدمة...
تسأله خلود... حبيبي ايشبك؟... الطفل لا ينطق الا بكلمة واحدة ..."صاحبي" ... "صاحبي"... فقد شاهد صديقي يموت غرقاً..
...
..
نتوجه إلى أرض المعارض املاً في الذهاب إلى كيلو 14...
السماء ملبدة بالغيوم...
تخبرنا رشا أننا سنذهب إلى قويزة ... لا يوجد من يساعدنا في الوصول إلى كيلو 14
مطر خفيف يغازل جدة...
تبدأ الاتصالات من الأمهات بضرورة الرجوع ...
" احنا في أرض المعارض... ما اتحركنا منها" ...
كذبة بيضا لتهدئة الامهات!..
الغيوم شديدة ...
ملبدة وثقيلة...
ونحن متوجهين إلى قويزة... طريق الخط السريع..
لمى تقترح وضع خطة انقاذ لأنفسنا لو حصل سيل ...
نسرين تبدأ بوعظنا وتذكيرنا بأهمية التوكل على الله...
فاطمة تخبرنا بعدم محاولة إنقاذها إذا غرقت...
الخط السريع واقف...
تنظر إلى وجوه الناس في السيارات الآخرى... مرعوبة!... الكل ينظر إلى السماء ...
مطر جدة أصبح رعب...
....
...
نصل قويزة قريب المغرب...
رائحة الجيف تزداد قوة.. رائحة كريهة جدا...
فوضى عارمة...
اهالي المنطقة يصرخون يريدون معونات...
الجوع والبرد افقدهم اعصابهم...
أحد العساكر يصرخ...
"المعونات بس للسعوديين ... المعونات بس للسعوديين" ...
الدفاع المدني يحاول جهد استطاعته جزاهم الله خير
ولكن الوضع صعب جدا
....
..
جزء من الفريق يدخل احد الأحياء...
والجزء الأخر يرجع إلى ارض المعارض...
الجزء الأول يشاهد بأم عينه منزل يسقط على عائله...
شخصين من الفريق الأول يصابوا بإنهيار عصبي...
ومازالت الإجتماعات مستمرة...
...
..
في نفس الوقت فريقنا رجع لأرض المعارض...
هناك شقق محتاجة مؤونة...
اطلب من المسوؤلين مؤونة... اقابل بالرفض!!...
لماذا؟ ...
يجب أن احصل على تصريح خروج ...
لعن الله البيروقراطية...
احاول أن احصل على تصريح خروج من المسؤولة...
ترفض!..
لماذا؟...
لأسباب سخيفة وغير منطقية...
وبجانبنا إجتماع لتقسم الأدوار .. هما والإجتماعات في زحمة
في هذه اللحظة فقدت اعصابي...
ضربت الطاولة بيدي..
صرخت على المسؤولة... " الناس بتموت من الجوع ... بيوتها بتتهدم عليها... وانتي تقوليلي تصريح"
" تسحبني الدكتورة فاتن خارج المكتب لتهدئة الأوضاع...
تصرخ المسؤولة " اذا مو عاجبك روح اكلهم من فلوسك ..."
يأتي شخص آخر يحاول أن يهدئى الوضع ...
تحاول المسؤولة ايضاح الأمر له... ولكني فقدت السيطرة على نفسي.. ولا اريد رؤية وجهها...
صرخت " اطلعي بره" .. "اطلعي بره"...
اخبرتني أن فارق السن بيني وبينها يمنعها من الرد... وأنها ستعلمني درساً في الإحترام بعدم الرد علي ومشيت...
...
..
يعطونا 20 كرتون لتوزيعهم...
...
..
" حتى في فعل الخير واسطة" يقولها ساخرا صديقي المغترب

لمشاهدة صورة اليوم:
http://www.facebook.com/album.php?aid=128305&id=502088395

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق